وظائف السعودة الوهمية- فرص العمل تذهب لغير السعوديين

المؤلف: محمد أحمد الحساني08.13.2025
وظائف السعودة الوهمية- فرص العمل تذهب لغير السعوديين

وفقًا لإحصائية حديثة للقوى العاملة نشرتها جريدة البلاد، تم إيجاد ما يقرب من 700 ألف وظيفة جديدة في الربع الثالث من عام 2016. ومع الأسف، استحوذ غير السعوديين على 97.4% من هذه الفرص، بينما لم يحظَ السعوديون سوى بنسبة ضئيلة تقدر بـ 2.6% فقط. هذا على الرغم من أن الخطط الموضوعة لتوفير فرص العمل كانت تستهدف بشكل أساسي الخريجين والباحثين عن عمل من المواطنين السعوديين. لكن الواقع المرير يشير إلى أن العمالة الوافدة كانت المستفيد الأكبر من هذه الفرص المستحدثة، مما قد يؤدي حتمًا إلى تفاقم مشكلة البطالة بين الشباب السعودي من الجنسين، وكأن شيئًا لم يتغير!

لقد تطلعت البلاد بأمل إلى خطط إيجاد الوظائف، وتناقلت وسائل الإعلام المختلفة أخبارًا مبشرة عن مئات الآلاف من الفرص التي سيخلقها الاقتصاد الوطني. وكان الأمل يحدو الجميع بأن تكون هذه الفرص من نصيب شباب الوطن الذين يعانون من شبح البطالة والإحباط. ولكن، خابت الآمال، وذهبت هذه الفرص لغيرهم. فما الجدوى من كل هذه الجهود إذا كان الناتج النهائي هو توظيف أبناء جنسيات أخرى؟ وأين يكمن الخلل الجوهري في هذه العملية المستمرة منذ عقود، والتي تتخللها ضجة كبيرة تحت مسميات "السعودة" و"توطين الوظائف" و"المواطن أولاً"، ولكن في النهاية لا يحصل المواطن إلا على النزر اليسير؟

إنه خلل متأصل وعميق يتحمل الجميع مسؤولية وجوده وعدم إيجاد حلول جذرية له. فالشباب، ذكورًا وإناثًا، يتوجهون قسرًا أو اختيارًا إلى التعليم الجامعي، ليتخرجوا بشهادات في تخصصات نظرية لا تعدهم بشكل كافٍ لسوق العمل المتطلب. وما هو متوفر من برامج التعليم والتدريب المهني دون المستوى الجامعي لا يرتقي إلى تلبية حاجة السوق من الفنيين المؤهلين والقادرين على المنافسة بقوة في القطاعات الصناعية والتقنية. بالإضافة إلى ذلك، تعاني المهن الحرفية والمهنية من نظرة دونية في المجتمع بسبب تدني الأجور، على عكس الدول المتقدمة التي رفعت من شأن هذه المهن وجعلتها محط أنظار ومنافسة من قبل مواطنيها. كما أن القطاع الخاص يسعى دائمًا إلى الحصول على المزيد دون تقديم مقابل كافٍ، وهو غير ممتن لنظام اقتصادي لا يفرض عليه دفع جزء كبير من أرباحه كضرائب، كما هو معمول به في الدول الصناعية الكبرى. المؤسسات التعليمية المهنية والتقنية تعاني من نقص الإمكانيات والتحديث. وفي المقابل، يعاني الملايين من الشباب والشابات من معضلة البطالة وتداعياتها الوخيمة من مشكلات نفسية واجتماعية ومخاطر أمنية، التي غالبًا ما تكون معالجة نتائجها أكثر تكلفة وإيلامًا. المؤتمرات والندوات التي تتناول قضايا الشباب والبطالة تتضارب فيما بينها، وكل طرف يدعي امتلاك الحلول، ولكن يبقى الواقع على حاله، ولا مجيب. فإلى الله المشتكى في كل الأحوال.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة